تشقق الشفاه وأسبابه: الأسباب، الأنواع، العلاج، والوقاية

يُعتبر تشقق الشفاه من المشكلات الجلدية الشائعة التي يعاني منها عدد كبير من الناس في مختلف الأعمار والمناطق الجغرافية. وبرغم بساطته الظاهرية، فإن تشقق الشفاه قد يكون عرضًا لحالة صحية كامنة أو نتيجة لعوامل بيئية وسلوكية متعددة. يتسم هذا الاضطراب بجفاف واضح في الشفتين، يترافق غالبًا مع تقشر الجلد، الاحمرار، الحكة، الإحساس بالحرقان، وفي بعض الحالات المتقدمة، النزيف أو التقرحات.

تشقق الشفاه لا يعتبر مجرد حالة تجميلية بل قد يؤثر أيضًا على جودة الحياة، حيث يسبب الشعور بعدم الراحة عند الأكل أو التحدث، وقد يكون مدخلًا للعدوى البكتيرية أو الفطرية في حال إهماله. تتنوع أسباب تشقق الشفاه بين العوامل البيئية، والعادات اليومية، ونقص الفيتامينات، إلى جانب تأثير بعض الأمراض المزمنة أو العلاجات الدوائية. وفيما يلي عرض مفصل لهذه الحالة من منظور علمي دقيق وموسع.

البنية التشريحية للشفاه ولماذا هي عرضة للتشقق

الشفاه جزء من الوجه يغطيها جلد رقيق جداً وتفتقر إلى الغدد الدهنية التي توجد في باقي أجزاء الجلد، ما يجعلها أكثر عرضة لفقدان الرطوبة. هذا الجلد الرقيق لا يحتوي على الميلانين بكميات كافية، ما يجعل الشفاه أكثر حساسية للتغيرات البيئية مثل أشعة الشمس، الرياح، والبرد.

الطبقة القرنية الخارجية للشفاه أرق بكثير من تلك الموجودة في بقية الوجه، وهي لا تمتلك القدرة نفسها على الحماية أو الاحتفاظ بالماء. وهذا ما يجعل الترطيب الخارجي ضرورة مستمرة للمحافظة على سلامة الشفاه.

الأسباب الرئيسية لتشقق الشفاه

1. العوامل البيئية

انخفاض الرطوبة في الجو

خلال فصل الشتاء أو في المناطق الجافة، ينخفض مستوى الرطوبة في الهواء، مما يؤدي إلى فقدان الجلد للرطوبة بشكل سريع، ويُعد هذا من أبرز الأسباب الشائعة لتشقق الشفاه.

التعرض لأشعة الشمس المباشرة

التعرض الطويل لأشعة الشمس دون حماية، يسبب ما يُعرف بـ”حروق الشمس الشفوية”، وهو نوع من التهاب الشفاه الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية، ويؤدي إلى تقشر الشفاه وتشققها.

الرياح والهواء البارد

الهواء البارد والجاف يساهمان في تجريد الشفاه من طبقتها الدهنية الحامية، مما يسرّع من فقدان الرطوبة ويؤدي إلى التشقق.

2. العادات السلوكية

لعق الشفاه المتكرر

برغم أن لعق الشفاه قد يعطي شعورًا مؤقتًا بالترطيب، إلا أن تبخر اللعاب بسرعة يُفقد الشفاه مزيدًا من الرطوبة، كما أن الإنزيمات الهاضمة الموجودة في اللعاب تؤدي إلى تهيج الجلد.

قضم الشفاه أو تقشير الجلد الميت بالأظافر

هذه العادة تؤدي إلى إحداث تشققات صغيرة في سطح الشفاه، قد تتطور لاحقًا إلى تقرحات أو تشققات عميقة.

3. نقص الفيتامينات والعناصر الغذائية

نقص فيتامين B2 (الريبوفلافين)

يرتبط نقص الريبوفلافين بتشقق الشفاه خصوصًا عند الزوايا، ويُعرف هذا النوع باسم “التهاب الشفة الزاوي”.

نقص الحديد

الحديد ضروري لصحة الجلد والأغشية المخاطية، ونقصه يؤدي إلى تشقق الشفاه وزيادة عرضتها للالتهابات.

نقص الزنك

الزنك من العناصر المهمة لالتئام الجروح وصحة الجلد، ونقصه يسبب جفاف الجلد بما في ذلك الشفاه.

4. أمراض مزمنة وحالات صحية

الإكزيما (التهاب الجلد التأتبي)

المرضى الذين يعانون من الإكزيما غالبًا ما يعانون من تشققات في الشفاه نتيجة فرط الحساسية وفقدان الطبقة الحامية للجلد.

الصدفية

في بعض الحالات، تظهر أعراض الصدفية على الشفاه، وتؤدي إلى تشققها وظهور قشور.

السكري

المرضى المصابون بداء السكري معرضون للجفاف بسبب فقدان السوائل، ويؤدي ذلك إلى تشقق الشفاه وتكرار العدوى الفطرية حولها.

5. استخدام بعض الأدوية

بعض العلاجات الدوائية تساهم في جفاف الجلد عمومًا، ومنها:

• الريتينويدات: مثل الإيزوتريتينوين المستخدم لعلاج حب الشباب.

• مدرات البول: التي تؤدي إلى فقدان السوائل.

• أدوية العلاج الكيماوي: تؤثر بشكل مباشر على الجلد والأغشية المخاطية.

أنواع تشقق الشفاه

يمكن تصنيف تشقق الشفاه إلى عدة أنواع حسب السبب والأعراض:

تشقق الشفاه عند الأطفال والرضع

يُعد الأطفال والرضع أكثر عرضة لتشقق الشفاه بسبب سلوكيات مثل لعق الشفاه المتكرر، مص الإصبع، والتعرض للعوامل البيئية دون حماية كافية. كما أن حاجتهم المتزايدة للفيتامينات تجعل من المهم مراقبة تغذيتهم لتجنب النقص الغذائي المؤدي لتشقق الشفاه.

المضاعفات المحتملة لتشقق الشفاه المزمن

• تكوّن التقرحات: في حال تطورت التشققات إلى جروح مفتوحة.

• العدوى البكتيرية أو الفطرية: خاصة في حالات التهاب الشفة الزاوي.

• التصبغ الدائم: نتيجة الالتهاب المستمر والتعرض للشمس دون وقاية.

• ألم مزمن وانخفاض جودة الحياة: بسبب صعوبة الكلام أو تناول الطعام.

الوقاية من تشقق الشفاه

تتطلب الوقاية اتباع مجموعة من الخطوات اليومية والوقائية:

• استخدام مرطب شفاه غني بالزيوت الطبيعية: مثل زبدة الشيا، زيت جوز الهند، زيت الخروع.

• شرب كميات كافية من الماء يوميًا: للحفاظ على رطوبة الجسم والجلد.

• تجنب لعق الشفاه أو قضمها.

• استخدام واقٍ من الشمس للشفاه: خصوصًا في المناطق الحارة أو أثناء التزلج على الجليد.

• تحسين النظام الغذائي: ليشمل الأغذية الغنية بالفيتامينات والمعادن مثل الخضروات الورقية، الحبوب الكاملة، اللحوم الحمراء.

• استخدام جهاز ترطيب الهواء: خاصة في فصل الشتاء أو في البيئات الجافة.

العلاجات المتاحة لتشقق الشفاه

1. العلاجات الموضعية

• الفازلين الطبي: يعتبر من أفضل المرطبات التي تحافظ على الماء داخل الجلد.

• كريمات تحتوي على اللانولين: مناسبة لحماية الجلد الجاف.

• كريمات تحتوي على البانثينول أو فيتامين E: تساعد في ترميم الخلايا.

2. العلاجات الدوائية

في الحالات المزمنة أو الناتجة عن أمراض جلدية:

• مضادات الفطريات الموضعية: في حال وجود عدوى فطرية.

• كريمات الكورتيزون الخفيفة: لعلاج الالتهابات.

• مكملات الفيتامينات: عند تشخيص نقص غذائي.

الفروقات بين تشقق الشفاه الناتج عن الجفاف وتشقق الشفاه المرضي

العلاقة بين التغذية وتشقق الشفاه

أظهرت الأبحاث العلمية أن التغذية تلعب دورًا أساسيًا في صحة الشفاه. النقص في العناصر التالية مرتبط بشكل مباشر بتكرار حدوث تشقق الشفاه:

• فيتامين B2: يوجد في البيض، الكبد، الحليب.

• فيتامين B12: يوجد في اللحوم الحمراء، الأسماك، البيض.

• الحديد: يوجد في السبانخ، الكبد، العدس.

• الزنك: موجود في المكسرات، اللحوم، البقوليات.

ينبغي الانتباه إلى أي نظام غذائي نباتي صارم قد يفتقر إلى هذه العناصر، مما يزيد من احتمال ظهور مشاكل الجلد والشفاه.

المصادر

1. Mayo Clinic. Chapped lips: Causes and treatment.

2. American Academy of Dermatology Association (AAD). Skin care tips for chapped lips.

هذا المقال الموسع يُقدّم تغطية شاملة لحالة تشقق الشفاه من حيث الأسباب، الأنواع، المضاعفات، والعلاجات، ويستند إلى مصادر طبية موثوقة لضمان دقة المعلومات. يساعد هذا النوع من التناول المعمق في رفع الوعي حول أهمية العناية بالشفاه كجزء لا يتجزأ من صحة الجلد العامة.